أسئلة الشارع الحلبي الموجّهة إلى السيد المحافظ حضرة السيد محافظ حلب المحترم،
منذ تحرير المدينة قبل نحو تسعة أشهر، كان الأمل كبيراً بأن تعود حلب سريعاً إلى مكانتها الطبيعية كعاصمة اقتصادية وثقافية لسوريا، لكن الواقع يقول شيئاً آخر. كل يوم يزداد شعور الناس بأن الوعود التي أُطلقت بقيت حبراً على ورق، وأن التنفيذ غائب أو مؤجَّل إلى أجل غير معلوم.
هذا المقال هو خلاصة نقاشات وأسئلة يرددها الشارع الحلبي يومياً، وهو صوت جماعي يعبّر عن هموم الناس وصبرهم الذي بدأ ينفد.
الأحياء المدمَّرة ما زالت على حالها، والإعمار لم يبدأ فعلياً، ولا وجود لمخطط تنظيمي واضح وملحّ للمدينة. الكهرباء والمياه والإنترنت ما زالت مقطوعة أو متقطعة بشكل خانق، والقمامة تملأ الشوارع، وعمليات التصليح عشوائية بلا أي تخطيط، فتحوّلت إلى كارثة بيئية متكررة. أحياء كاملة مهمَلة وكأنها خارج حدود المدينة رغم أهميتها.
أسعار الإيجارات والعقارات ارتفعت بشكل جنوني يفوق قدرة المواطنين، والبطالة تخنق الشباب، ولا توجد أي خطوات عملية لخلق فرص عمل حقيقية. المشاريع الصغيرة والمتوسطة تموت تحت ثقل البيروقراطية، والاستثمارات المعلَنة لا تتجاوز التصريحات الإعلامية. إيرادات الأوقاف وأملاك الحزب والاتحادات والعقارات لا يظهر أثرها على حياة الناس.
المدارس مدمرة ومكتظة، المناهج غير موحدة، والمدارس الخاصة تكلف مبالغ لا يقدر عليها المواطن، والمعلمون برواتب هزيلة. المستشفيات والمراكز الصحية تعاني الإهمال، والخدمات العامة ضعيفة وسمعة سوء المعاملة لم تتغير. أزمة المواصلات بين الأحياء والريف والمدينة خانقة، وأجور السرافيس بلا أي رقابة.
الفساد والرشاوى ما زالت مستشرية، والسجل المدني والعقاري يعمل بشكل محدود، والصلاحيات متداخلة، والازدواجية في المناصب خلقت فوضى إدارية لا تليق بمحافظة بحجم حلب. مجلس المحافظة والمكتب التنفيذي غائبان، والقانون 107 الذي ينظّم الحكم المحلي لا يُطبَّق. أزمة قسد وسيطرتها على حيي الشيخ مقصود والأشرفية ما زالت بلا حل، والدور الحقيقي للحكومة المحلية غير واضح. اللامركزية الإدارية أصبحت مطلباً ملحاً، والمهجَّرون والنازحون بحاجة إلى خطط واضحة لعودتهم واندماجهم. الحملات الشعبية الإسعافية، رغم أهميتها، تبقى محدودة وغير مستدامة، والدولة مطالبة بتحويلها إلى مشاريع منظمة وفاعلة.
الفريق العامل في المحافظة يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الكوارث، لأنه لم يقدم أي حلول لا على المدى القريب ولا البعيد. هذا الفريق، الذي نعرفه جيداً، يفتقد لأي قدرة على التنفيذ، ولا يجيد سوى بيع الكلام للناس ومنع الآخرين من العمل.
هذا ليس كلام كاتب مقال، بل صوت الناس في الشوارع والبيوت والمقاهي. أهل حلب يحبون مدينتهم ويريدونها حاضرة في كل المجالات، لكنهم سئموا الوعود والبيانات الفارغة. المطلوب الآن خطط حقيقية، وجداول زمنية واضحة، ومحاسبة شفافة للمسؤولين. حلب بعد تسعة أشهر من التحرير لا يجوز أن تبقى غارقة في الفوضى والارتجال. صبر الناس محدود، وثقتهم مرهونة بما يرونه على الأرض لا بما يسمعونه في الخطب