التدخل الوزاري في شؤون اتحاد كرة القدم… بين تصريحات متناقضة ومخالفة للوائح الفيفا

التدخل الوزاري في شؤون اتحاد كرة القدم… بين تصريحات متناقضة ومخالفة للوائح الفيفا

في الأيام الأخيرة، برزت قضية استبعاد المنسق الإعلامي لمنتخب سوريا لكرة القدم، الصحفي زين الرفاعي، كموضوع نقاش واسع داخل الوسط الرياضي والإعلامي. لا تكمن أهمية القضية في شخص المستبعد فقط، بل في ما تطرحه من أسئلة جوهرية حول العلاقة بين وزارة الرياضة والشباب واتحاد كرة القدم، وحدود الصلاحيات بين الطرفين.

قامت اللجنة المكلفة بتسيير شؤون اتحاد كرة القدم بتاريخ 24 فبراير من العام الجاري بتكليف الصحفي زين الرفاعي كمنسق إعلامي للمنتخب، وهي الجهة المخولة رسميًا بإدارة اللعبة وفق القوانين المحلية واللوائح الدولية.

وحصلت وكالة الصحافة السورية على تصريحات من مستشار وزير الرياضة والشباب، السيد مجد الحاج أحمد، حول حقيقة استبعاد المنسق الإعلامي للمنتخب.

يقول الحاج أحمد: “الأساس الذي اعتمدنا عليه في هذا القرار مهني بحت، يستند إلى مراجعات دقيقة للأداء وطريقة العمل خلال الفترات السابقة. المنسق الإعلامي سبق أن عمل في المكتب الإعلامي كمصور لاجتماعات وزير الشباب والرياضة، وقد وردت إلينا انتقادات عديدة من المتابعين على صفحات التواصل الاجتماعي تتعلق بضعف جودة ودقة الصور المنشورة. ورغم ذلك، تعاملنا مع الأمر بعقلية قائمة على التدريب وصقل القدرات.”

وأضاف: “أُتيحت له الفرصة للمشاركة في بعثات المنتخب السوري لكرة القدم، لكن المردود بقي دون المستوى المطلوب، وهذا واضح من خلال صفحة اتحاد كرة القدم الرسمية وردود الفعل على طريقة التغطية. من المهم التذكير بأن المنتخب السوري لكرة القدم هو الواجهة الأبرز لسوريا رياضيًا، ويحتاج إلى كوادر إعلامية متخصصة تمتلك خلفية رياضية ومعايير مهنية عالية. وللأسف، المنسق المذكور لم يكن يملك هذه الخلفية، إذ إن تجربته السابقة كانت في مجال التصوير السياسي. وعليه، فإن القرار جاء على أساس ضمان مخرجات إعلامية عالية الجودة تخدم صورة المنتخب، وهو قرار موضوعي بعيد كل البعد عن أي اعتبارات شخصية.”

هذا التصريح أثار نقاشًا حول مدى قانونية التدخل الوزاري في اختصاصات الاتحاد، خصوصًا أن لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) تؤكد على استقلالية الاتحادات الوطنية عن أي تدخل حكومي مباشر.

ثم أعاد الحاج أحمد مناقضة تصريحاته الاولى حيث قال أن تكليف المنسق الإعلامي جرى فعليًا من قبل اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون اتحاد كرة القدم، وهي الجهة الشرعية المخولة وفق القوانين والأنظمة بإدارة شؤون اللعبة، وأن القرار تم بالتنسيق معها وبما أكدته رسميًا.

وأضاف: “مهمة المنسق، كما ورد في لوائح الاتحادين الآسيوي والدولي لكرة القدم، هي تنظيم العلاقة الإعلامية بين الاتحاد والأطراف المختلفة (الفيفا، الإعلام المحلي والدولي، والجمهور).”

يتضح هنا التناقض؛ ففي البداية، ربط المستشار القرار بجودة الصور التي التقطها زين الرفاعي خلال اجتماعات الوزير، ثم أعطى وصفًا لمهام المنسق الإعلامي للمنتخب يتجاوز ذلك.

هذه التصريحات تعكس حالة من التخبط داخل الوزارة، إذ ليس من مهام المنسق الإعلامي التقاط الصور خلال بعثات المنتخب فهذا الفعل من اختصاص المصور المرافق للمنتخب.

وأكد المنسق الإعلامي للمنتخب الصحفي زين الرفاعي لوكالة الصحافة السورية أنه تم تعيينه من قبل لجنة تسيير شؤون اتحاد كرة القدم، وهي الجهة المخولة وحدها بإدارة شؤون اللعبة وفق الأنظمة الرياضية، وأن قرار شطب اسمه جاء فجأة قبل يوم واحد من السفر من فترة التوقف الدولي الاخيرة ، دون إخطار رسمي منها أو من إدارة المنتخب، بل وصلته عبر رسالة من صديق. وعندما حاول الاستفسار من الوزارة عن السبب، لم يتلق أي إجابة.

يقول الرفاعي: ان المستشار حول ربط قرار الاستبعاد بجودة الصور أو ضعف التغطية الإعلامية، إلا إن المهام الحقيقية للمنسق الإعلامي وفق اللوائح الدولية والآسيوية تشمل:
• تقديم الرسائل الإعلامية
• تنظيم التغطية الصحفية للمباريات والمؤتمرات
• تسهيل عمل وسائل الإعلام

وبالتالي، إدخال عناصر مثل “التصوير أو التحليل الفني” ضمن معايير تقييم المنسق الإعلامي لا يعكس الدور الحقيقي لهذه المهمة.

التكليف الذي حصلت عليه جاء من رئاسة لجنة اتحاد كرة القدم، وليس من الوزارة، وبالتالي فإن أي تصريح أو قرار من المستشار بخصوص استبعادي هو تدخل مباشر في شؤون الاتحاد.

أما عن فترة عملي في المكتب الإعلامي للوزارة، فقد كانت بصفة متطوع، مستخدمًا معداتي الخاصة، وبطلب رسمي من قسم الموارد البشرية الذي عرض عليّ منصب مدير المكتب الإعلامي، باعتبار أنني الشخص المناسب. وهناك شهود على هذا الأمر. حتى أنني أجريت مقابلة مع مدير مديريات الإعلام الحكومي، وتم اعتمادي من وزارة الإعلام، وبقيت فقط موافقة وزارة الرياضة. لم آتِ من تلقاء نفسي لأطلب المنصب كما حاول المستشار الإيحاء. وخلال هذه الفترة أصبحت المصور الخاص بالوزير حتى أن بروفايل صفحة الوزير الشخصية من تصويري ، وأعمالي موجودة على صفحة الوزارة بين أيار وتموز، ويمكن لأي مصور تقييم العمل .

ومن النقاط المثيرة للجدل أن القرار تزامن مع استمرار الكادر الإعلامي القديم الذي كان مسؤولًا عن التقاط الصور والفيديو، رغم أن استقالة الاتحاد السابق أنهت عمليًا عمله، ما فسّره البعض على أنه استهداف شخصي للمنسق بقرار الإبعاد.

تحولت القضية إلى نقاش عام على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث سخر ناشطون من قرار الوزارة، مشيرين إلى فشل المستشار الحاج أحمد في ملفات سابقة وتعدد مهامه الوظيفية، ومنها:
• الناطق الرسمي باسم الوزارة
• مستشار الوزير القانوني
• مدير مكتب الوزير
• رئيس لجنة الحوكمة
• عضو لجنة الانتخابات
• المشرف على المكتب الإعلامي
• المشرف على المكتب القانوني
• المشرف على إعداد أسماء البعثات الرياضية
• وسيط غير معلن في تنسيب العاملين والضيوف ضمن الوفود الرياضية

ما بين روايتين متناقضتين حول مصدر القرار وخلط بين مناصب مختلفة، تبقى الأسئلة مطروحة:
• هل القرار صادر عن الوزارة أم عن اللجنة؟
• لماذا لم يوضح اتحاد كرة القدم موقفه الرسمي؟
• كيف يمكن معالجة هذا النوع من الالتباس لتجنب أي تبعات دولية مستقبلية؟

وتبقى القضية مؤشرًا على ضرورة رسم حدود واضحة بين صلاحيات الاتحادات الرياضية والسلطات الرسمية، بما يضمن استقلالية العمل الرياضي وحماية صورته أمام الجمهور المحلي والدولي.

Exit mobile version