مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي وازدحام الساحة بالبرامج والوعود والشعارات، وهو حقٌّ مشروع لكل مواطن، يبقى حق الوطن في هذه المرحلة أعظم وأقوى، ويحتاج منا وقفة صادقة قبل فوات الأوان.
لقد استمعنا وشهدنا خلال الفترة الماضية برامج كثيرة وغنية، لكن السؤال الجوهري ليس في كثرتها ولا في جمال صياغتها، بل في مدى قدرة المرشح على حمل الأمانة الوطنية الكبرى.
فمجلس الشعب ليس مجرد مقاعد أو منصة للخطابات، بل هو سلطة تشريعية أساسية يُناط بها إقرار الخطط السياسية للدولة، ومناقشة الاتفاقيات الدولية التي تترتب عليها حقوق والتزامات سيادية، ودراسة وتعديل وإقرار القوانين والتشريعات التي تمس حياة الناس ومستقبلهم، والمشاركة في إقرار مسودة الدستور على أساس فهم عميق للعقد الاجتماعي، وشكل الدولة، ونظام الحكم، وتوزيع السلطات بين التشريعية والتنفيذية والقضائية.
لذلك، فإن مسؤولية الاختيار لا بد أن تنطلق من طرح أسئلة واضحة:
هل أنا أو من أختاره الشخص المناسب لهذه المهمة؟
هل أمتلك أو يمتلك المرشح الفهم السياسي والقانوني الكافي؟
هل يتمتع بالنزاهة والشفافية لوضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار؟
هل لديه الشجاعة ليقول «لا» حين يتعارض القرار مع المصلحة الوطنية؟
من لا يستطيع أن يجيب بصدق وبكلمة «نعم»، فالأجدر به أن يراجع نفسه، لأن الوطن لا يحتمل المجاملة ولا المساومة في هذه اللحظة الفارقة.
إن الوطن اليوم بحاجة إلى من يجمع بين الكفاءة والإخلاص، بين القوة في الموقف والأمانة في السلوك، فقد قيل في النص القرآني: (إن خير من استأجرت القوي الأمين). لذلك، فلنرتقِ بمعاييرنا عند الاختيار، فالأمر ليس مجرد ولاء شخصي أو انتماء ضيق، بل مستقبل وطن بأكمله.
تذكّروا دائماً أن خيارنا اليوم سيحدد شكل غدنا، وأن هذه الفرصة قد لا تتكرر، وأن صوتنا أمانة في أعناقنا، فليكن اختيارنا قائماً على المسؤولية لا على المجاملة، وعلى الأمانة لا على العاطفة، ولنجعل من هذا الاستحقاق خطوة حقيقية نحو بناء دولة عادلة وقوية