سوريا

دير الزور بعد التحرير… أمنٌ قديم بوجهٍ جديد وخدمات بين الانهيار والرماد

“على ضفاف العنف”






تقرير “على ضفاف العنف”: دير الزور بعد التحرير… أمنٌ قديم بوجهٍ جديد وخدمات بين الانهيار والرماد




دير الزور بعد “التحرير”: أمن جديد بملامح قديمة

بعد أكثر من عقد من الحرب، يبدو أن دير الزور لم تخرج بعد من دائرة العنف. تقرير جديد صادر عن جمعية حقوق للعدالة والتنمية في دير الزور بالتعاون مع المركز السوري لدراسات الرأي العام (مدى)، بعنوان «على ضفاف العنف»، يكشف صورة قاتمة لواقع المدينة بعد عام من سيطرة الحكومة الانتقالية على مناطقها.

التقرير الذي استند إلى عينة بحثية من 753 مشاركًا، استخدم استبيانات ميدانية ومقابلات معمقة مع ناشطين وخبراء محليين، ليعرض مؤشرات دقيقة حول الأمن، التعليم، الخدمات، وحقوق السكن في واحدة من أكثر المدن السورية تضررًا.

استمرار القبضة القديمة

رغم سقوط النظام السابق في المدينة، فإن 72% من العناصر الأمنية الحالية ينتمون للنظام القديم. هذا الرقم يعكس إعادة إنتاج المنظومة الأمنية السابقة بكل أدواتها القمعية: خوف الأهالي، الاعتقالات التعسفية، وتوسع شبكات الفساد. كما أن 56% من السكان ما زالوا يشعرون بعدم الأمان، ما يجعل “التحرير” عنوانًا شكليًا أكثر منه تحولًا فعليًا.

تحسّن الكهرباء لا يُخفي الظلام

الخدمات المنهارة في دير الزور - إنفوغرافيك من تقرير على ضفاف العنف
الخدمات العامة في دير الزور بين الانهيار والتحسّن المحدود – من تقرير «على ضفاف العنف».

تحسّنت خدمات الكهرباء بنسبة 80% والإنترنت بنسبة 47%، لكن بقية الخدمات ما زالت في تدهور شديد: المياه غير منتظمة، الصرف الصحي متهالك، والمستشفيات تفتقر للأدوية والأجهزة الأساسية. ويصف أحد المشاركين الوضع الصحي بأنه “كارثي”.

السكن وحقوق الملكية: الانتهاكات مستمرة

السكن والملكية العقارية في دير الزور - تقرير على ضفاف العنف
منازل مدمّرة وحقوق ملكية منتهكة – دير الزور بعد عام من التحرير.

57% من السكان تعرّضوا لانتهاكات في حقوق الملكية، سواء بالاستيلاء على المنازل أو المصادرة الأمنية. كما أن 87% من الأحياء مدمرة كليًا أو جزئيًا. وتبقى مشكلة الألغام من أخطر ما يواجه المدنيين العائدين.

فساد ومحسوبيات تهدد جيلًا كاملًا

التعليم في الرماد - تقرير على ضفاف العنف
مدارس مهدّمة ومعلمون بلا كفاءة – التعليم في الرماد.

في قطاع التعليم، يظهر التقرير أزمة بنيوية خطيرة. 78% من المدرسين غير مؤهلين أكاديميًا و55% من التعيينات تتم عبر المحسوبيات. كما لم تُعِد الحكومة الانتقالية المعلمين المفصولين لأسباب ثورية، ما أدى إلى حرمان المدارس من كفاءات حقيقية كانت قادرة على إعادة بناء العملية التعليمية.

عودة خجولة وأزمة سكن خانقة

لم تتجاوز نسبة العائدين إلى المدينة 11% مقابل 32% في الريف، بسبب ارتفاع الإيجارات وندرة المساكن وضعف الدعم الحكومي. ورغم بعض المبادرات الأهلية لترميم البيوت، إلا أنها تظل محدودة جدًا أمام حجم الدمار.

“على ضفاف العنف”… عنوان يختصر مرحلة

يرى التقرير أن دير الزور تقف اليوم على ضفاف العنف حرفيًا؛ إذ لم تنتقل بعد إلى برّ الأمان. التحرير لم يحقق العدالة، والسلطة الجديدة أعادت إنتاج أدوات النظام القديم. وبين وعود الإصلاح وواقع الفساد، يبقى المواطن العادي أسير منظومة منهكة تحكمها الولاءات والعشائر والمصالح السياسية.

“تحسّن الكهرباء لا يُخفي ظلام العدالة” — باحث ميداني من فريق التقرير


المصدر: تقرير «على ضفاف العنف» – جمعية حقوق للعدالة والتنمية في دير الزور / مركز مدى لدراسات الرأي العام – سبتمبر 2025

📘 اقرأ أو حمّل التقرير الكامل

📖 قراءة التقرير
⬇️ تحميل PDF


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى