استجواب مهين واتهام بـ”العمالة للموساد”… ما الذي تعرّض له الصحفي أمجد الساري أمام السفارة الإيرانية بدمشق؟

تعرض الصحفي السوري أمجد الساري، يوم أمس، لاستجواب مطوّل وصفه بـ”المهين”، من قبل عناصر أمنية أمام مبنى السفارة الإيرانية في منطقة المزة بدمشق، وذلك بعد قيامه بالتقاط صورة لواجهة السفارة من الشارع العام.

وبحسب رواية الساري، فقد كان في طريق عودته من معرض فني أقيم في المركز الثقافي بالمزة، وأثناء مروره على الأوتوستراد التقط صورة عابرة لمبنى السفارة باستخدام هاتفه المحمول، إلا أن الأمر لم يمر دون تدخل، حيث لم تمضِ سوى دقائق حتى استوقفه عنصر أمني وطلب منه تفتيش الهاتف.

وعندما رفض الساري هذا الطلب، مستفسرًا عن السند القانوني الذي يتيح له ذلك، جاء الرد من العنصر بصيغة تهكمية قائلاً: “إيش مفكر حالك بلاس فيغاس؟”، فما كان من الساري إلا أن أجابه مستنكرًا: “ليش، شو الفرق؟ ما بصير يكون عنا قانون متلهم؟”.

لاحقًا، طلب العنصر منه حذف الصورة، مدّعيًا أن التصوير ممنوع، رغم غياب أي لافتة تشير إلى منع التصوير في محيط السفارة، مشيرًا إلى أن ما قام به هو سلوك اعتيادي لا يخالف أي قانون.

ومع تصاعد التوتر بين الطرفين، هدد العنصر بجلب شخص يُدعى “الشيخ”، وما لبث أن وصل اثنان من العناصر على دراجة نارية، قدّم أحدهما نفسه باعتباره مسؤولًا عن “الأمن الدبلوماسي”. في محاولة منه لاحتواء الموقف، أبرز الساري بطاقته الصحفية، غير أن أحد العناصر طالبه بـ”التعاون”، فرد الساري قائلاً: “ليش أنا متهم لحتى تساعدوني؟ كلها صورة!”

لكن الصدمة الكبرى جاءت عندما قال له عنصر آخر: “إنت عميل للموساد الإسرائيلي!”، وهو ما دفع الساري إلى الرد بذهول: “لا يحق لك أن تتهمني بهيك تهمة، بأي حق؟”، ليرد العنصر قائلًا: “أنا بنظري كل الناس مجرمين حتى يثبت العكس!”

وأمام تصاعد التوتر، قرر الساري في النهاية حذف الصورة لإنهاء الموقف، إلا أن الضغوط استمرت، حيث حاول العناصر تصوير بطاقته الصحفية، وهو ما قابله بالرفض، رغم تزايد التهديدات، ومن بينها: “تعاون معنا، بلا ما يجي الشيخ وساعتها ما بتعرف شو بصير فيك!”، فردّ الساري متحديًا: “شو ممكن يصير؟ رح تقتلني تحت التعذيب؟ خليه يجي!”

وفي تهديد آخر، قال له أحد العناصر بنبرة مبطنة: “لك حبيبي لا تعمل مراجل… نصيحة، رجاع لأوروبا تبعك ولا تجي لهون!”، فأجابه الساري بكل حزم: “هاي بلدي، ومو إنت اللي بتقرر إذا بدي أضل فيها ولا لأ!”

التهديدات لم تتوقف عند هذا الحد، بل وصلت إلى حد التهديد بتحطيم معداته الصحفية، حيث قال له أحد العناصر: “أنا معي أوامر إني أكسرلك الكاميرا!”، فرد الساري متحديًا: “تفضل، هاي الكاميرا… اكسرها.”

ورغم محاولات المسؤول الأمني تهدئة الموقف، أصر العناصر على أخذ معلوماته الشخصية، وهو ما رفضه الساري بشكل قاطع. وفي نهاية الواقعة، صرّح قائلًا: “الأسلوب اللي شفتو اليوم لا يليق بجهاز أمني، وسأتقدم بشكوى رسمية.”

العناصر الذين شاركوا في الحادثة رفضوا الإفصاح عن هوياتهم، مكتفين بلقبَي “الأمير” و”الشيخ”، مما يطرح تساؤلات جدية حول مستوى الشفافية والمساءلة في التعامل مع المواطنين، وبالأخص مع الصحفيين.

وفي ختام تصريحه، تساءل الساري قائلاً: “هل يُعقل أن أُهان في بلدي وأُتّهم بالعمالة للموساد؟ هل فعلاً هؤلاء الأشخاص مدرّبون؟ وهل يُعقل أن يُقال لي: نصيحة خليك بأوروبا تبعك!؟”

هذه الواقعة أثارت موجة واسعة من ردود الفعل في الأوساط الصحفية والاجتماعية، حيث أُطلقت حملة تضامن مع الصحفي أمجد الساري، واعتُبرت الحادثة بمثابة اعتداء صارخ على الحريات الشخصية وحرية العمل الإعلامي في سوريا.

من جهته، علّق وزير الإعلام السوري، الدكتور حمزة مصطفى، داعيًا الساري إلى زيارة الوزارة وتقديم شكوى رسمية، مؤكدًا اهتمامه بمتابعة القضية وضمان حقوق الصحفيين وكرامتهم.

ويُشار أيضًا إلى أن الوزير حمزة مصطفى، إلى جانب مدير العلاقات الصحفية في الوزارة، التقيا بالإعلامي أمجد الساري على خلفية ما تعرّض له من مضايقات على يد عناصر أمنية أمام السفارة الإيرانية بدمشق.

وخلال اللقاء، أكد الوزير وقوف الوزارة الكامل إلى جانب الزملاء الإعلاميين، ورفضها التام لأي تجاوزات تمسهم أو تعيق أداءهم المهني، موضحًا أن الوزارة اتخذت الإجراءات القانونية اللازمة لمعالجة القضية، كما وجّهت مخاطبات رسمية للجهات المختصة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً.

شاهد أيضاً : هل انتهت معركة الحرية والديمقراطية بسقوط الأسد؟

Exit mobile version