مؤتمر باريس يدعو إلى رفع العقوبات ودعم العدالة الانتقالية في سوريا

عُقد يوم أمس الخميس، 13 فبراير، مؤتمر دولي في العاصمة الفرنسية باريس لمناقشة سبل دعم سوريا، بمشاركة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إلى جانب ممثلين عن عدة دول إقليمية وغربية. ركّز المؤتمر على ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وتعزيز جهود تحقيق العدالة الانتقالية وإعادة الإعمار.
لقاءات دبلوماسية قبل المؤتمر
عشية انطلاق المؤتمر، التقى الشيباني نظيره الفرنسي جان نويل باروت، حيث أكد الأخير استعداد فرنسا لدعم سوريا، لا سيما في مجالات العدالة الانتقالية وإعادة الإعمار. كما شدد على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية، والعمل مع الشركاء الأوروبيين لإعادة تقييم العقوبات الاقتصادية، شريطة وجود ضمانات واضحة قبل أي تخفيف لها.
وأشار باروت إلى أهمية مؤتمر الحوار الوطني الذي أطلقته سوريا، مؤكدًا ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية، واعتبار وقف الأعمال القتالية، خصوصًا في شمال شرقي البلاد، خطوة محورية نحو الاستقرار.
بدورها أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانًا أكدت فيه أن المؤتمر تناول قضايا السيادة والأمن والاستقرار في سوريا، إضافة إلى مكافحة الإفلات من العقاب. ويأتي الاجتماع استكمالًا للمناقشات التي جرت سابقًا في مؤتمري العقبة والرياض.
وفي سياق متصل، عقد الشيباني لقاءات مع ناشطين حقوقيين سوريين في باريس، كما اجتمع مع مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون البحر الأبيض المتوسط، دوبرافكا زويكا.
وشهد المؤتمر مشاركة منظمات مجتمع مدني، من بينها مؤسسة “مدنية”، التي كشفت عن أبرز التوصيات التي خلص إليها المشاركون:
- إعادة تقييم العقوبات الاقتصادية لتستهدف المسؤولين عن الانتهاكات دون الإضرار بالمدنيين.
- تخصيص الأموال المجمدة لدعم العدالة الانتقالية وإعادة الإعمار وفق معايير الشفافية والإنصاف.
- محاسبة مرتكبي الانتهاكات، مع التركيز على الجرائم ضد المرأة ضمن إطار العدالة الانتقالية الشاملة.
- تفعيل آليات تحقيق آمنة تحمي الناجيات من العنف، وتضمن وصولهن إلى العدالة دون تهديدات.
- تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة عبر سياسات دعم مستدامة توفر فرص عمل حقيقية.
- ضمان استقلالية المجتمع المدني وحمايته من أي تدخل سياسي.
- تعزيز دور المرأة في السياسة والاقتصاد، بما يتجاوز التمثيل الرمزي إلى مشاركة فعلية. دعم دولي للمرحلة الانتقالية
ترأس الشيباني الوفد السوري في مؤتمر باريس، الذي يأتي بعد أيام من دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، لزيارة باريس.

ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول فرنسي أن المؤتمر يهدف إلى توفير “حماية سياسية” للوضع السوري الجديد، لمنح القيادة الانتقالية الوقت الكافي لمعالجة الأزمات الداخلية ومنع أي محاولات لزعزعة الاستقرار.
وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية أن الاجتماع سعى إلى تنسيق الجهود الدولية لدعم انتقال سياسي سلمي في سوريا، وضمان أمنها وسيادتها. كما ناقش المؤتمر سبل تعزيز التعاون بين دول الجوار السوري والشركاء الدوليين لتوفير الدعم الاقتصادي والمساعدات اللازمة.
جدل حول العقوبات
لم يكن مؤتمر باريس مخصصًا لجمع التبرعات، حيث ستُعقد قمة المانحين في بروكسل الشهر المقبل لهذا الغرض، لكن مسألة العقوبات الاقتصادية كانت محور نقاشات ساخنة.
ووفقًا لما نقلته “رويترز” عن دبلوماسيين أوروبيين، فإن بعض المشاركين اقترحوا رفعًا جزئيًا للعقوبات، إلا أن هذا المقترح قوبل بتحفظات من قبل قبرص واليونان، نظرًا لمخاوف تتعلق بترسيم الحدود البحرية بين سوريا وتركيا. كما طُرحت إمكانية إعادة فرض العقوبات في حال عدم التزام الحكومة السورية الجديدة بالإصلاحات المطلوبة.
سبق مؤتمر باريس اجتماع لجنة الاتصال العربية الوزارية حول سوريا، الذي عُقد في العقبة الأردنية، حيث شدد المشاركون على ضرورة تشكيل هيئة حكم انتقالية شاملة بتوافق سوري، وبدء إنشاء بعثة أممية لدعم العملية الانتقالية. كما أدان الاجتماع التوغلات الإسرائيلية في المنطقة العازلة، خاصة في محيط جبل الشيخ.

أما في مؤتمر الرياض، فقد ناقش المشاركون آليات دعم عملية الانتقال السياسي، وأعربوا عن قلقهم من التحركات الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل والقنيطرة، مطالبين بإجراءات دولية للحد من التصعيد.

شاهد أيضاً مظاهرة في تل أبيض تطالب الحكومة السورية بحسم ملف الجزيرة السورية وإنهاء وجود “قسد”