عين الجاش: قرية تحمل اسمًا لا يعكس حقيقتها

في ريف دريكيش بمحافظة طرطوس، تقع قرية عين الجاش، وهو اسم قد يوحي للوهلة الأولى بأنها معقل للضباط والعسكريين. لكن المفارقة تكمن في أن هذه البلدة لم تكن يومًا موطنًا لضباط الجيش، بل على العكس تمامًا، تميزت بمسار مختلف كليًا.
خلال حديثي مع أحد أبناء هذه المنطقة، اكتشفت كيف حرص الأهالي على إبعاد أبنائهم عن الانخراط في الجيش، مفضلين دعمهم في مسيرتهم التعليمية وتشجيعهم على إكمال دراستهم الجامعية. لم يكن ذلك مجرد قرار فردي، بل توجهًا عامًا يعكس وعيًا بأهمية التعليم كطريق للمستقبل. المثير للاهتمام أن الشخص الذي نقل لي هذه المعلومات هو نفسه من بادر بالتواصل معنا سابقًا لتنظيم تدريب حول فهم النزاعات وبناء السلام في منطقته، إيمانًا منه بأهمية نشر الوعي وتعزيز السلم الأهلي.
لكن، كما هو الحال مع العديد من الأصوات الحرة في سوريا، لم يكن هذا الشخص بمنأى عن القمع. فمنذ عام 2012، اضطر هو وعائلته إلى مغادرة البلاد، بعدما وجد أن لا مكان للصوت الحر في ظل نظام لا يقبل الاختلاف ولا يتسامح مع أي رأي معارض.
لطالما نظر كثيرون إلى الساحل السوري باعتباره معقلًا لمؤيدي النظام، إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا. فحتى في هذه المناطق، برزت أصوات شجاعة رفضت الظلم واتخذت مواقف أخلاقية، بعيدًا عن أي اعتبارات دينية أو عرقية. ورغم أن هذه الفئة قد تكون قليلة، فإنها تمثل الأمل في بناء مستقبل أكثر عدلًا وإنصافًا لسوريا.
أما عن اسم البلدة، فإن “عين الجاش” يعود إلى العهد العثماني، حين كانت المنطقة نقطة استراتيجية مرتفعة تضم مرابط للخيل ومرصدًا عسكريًا عثمانيًا، وليس لأن سكانها ينتمون إلى الجيش كما قد يظن البعض للوهلة الأولى.
شاهد أيضاً : صوت الألم في منبج.. مدينة تبكي بلا عزاء