سوريا

بين الإقصاء والاحتواء: مصير الضباط والسياسيين المنشقين عن النظام المخلوع

بعد سقوط النظام، وجد الضباط والسياسيون الذين انشقوا عنه أنفسهم في وضع معقد، حيث لم يحصلوا على دور واضح في المرحلة الانتقالية. فبينما يُنظر إليهم على أنهم ساهموا في إسقاط النظام، إلا أنهم تعرضوا للتهميش ولم يتم إدماجهم بشكل حقيقي في المؤسسات الجديدة.

جاء قرار الانشقاق رفضًا لسياسات النظام القمعية، خصوصًا بعد استخدامه العنف المفرط ضد المتظاهرين وفرضه القبضة الأمنية على المجتمع. هؤلاء الضباط والسياسيون تخلّوا عن امتيازاتهم ومناصبهم وانحازوا إلى الثورة، فمنهم من شارك في الحراك الثوري المسلح، ومنهم من تبنّى المعارضة سياسيًا.

الغالبية العظمى كان انشقاقها بدافع وطني، إذ اختاروا الوقوف إلى جانب الشعب رغم المخاطر الكبيرة التي تعرضوا لها. ورغم دورهم المهم في الثورة، إلا أنهم واجهوا التهميش ولم يُمنحوا مواقع قيادية في المرحلة الانتقالية.

لم يُنظر إليهم كجزء من النظام السابق، لكن في الوقت ذاته، لم يتم استيعابهم في مؤسسات الدولة الجديدة، مما جعلهم في وضع معلق بلا دور واضح.

العديد من المنشقين قابلوا إدارة المرحلة الانتقالية وتلقّوا وعودًا بإعادة التواصل معهم، لكن تلك الوعود لم تُنفَّذ، ولم يُطلب منهم تولي أي أدوار رسمية.

لم يتم إشراكهم في إدارة الدولة الجديدة رغم خبرتهم وكفاءتهم، ويشعر الكثير منهم بأنهم محرومون من حقهم في المساهمة في بناء الدولة الجديدة رغم انحيازهم للثورة.

يكفي أن هؤلاء قد اختاروا الوقوف إلى جانب الشعب ضد النظام الديكتاتوري، وبالتالي يجب منحهم الفرصة للمساهمة في بناء الدولة الجديدة.

يمكن دمجهم في مؤسسات الدولة الجديدة دون التأثير على مسار العدالة الانتقالية، لكن المشكلة تكمن في عدم وجود استجابة حقيقية من السلطات الانتقالية لإعادة دمجهم.

يبقى مصير الضباط والسياسيين المنشقين عن النظام المخلوع ملفًا شائكًا في مرحلة ما بعد الثورة. فبين الحاجة إلى الكفاءات والخبرة، والمخاوف من إعادة إنتاج الماضي، تظل معادلة العدالة والدمج من التحديات الكبرى للمرحلة الانتقالية. فهل يكون الحل في الاستيعاب، أم أن الإقصاء هو الخيار الوحيد؟

شاهد أيضاً توتر في السويداء.. اشتباكات بين الأهالي والعشائر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى