دير الزور تستاهل .. حملة شعبية تُعيد صوت المحافظة المنسية

في مشهد يختصر الألم والأمل معًا، انطلقت مؤخرًا حملة إلكترونية شعبية تحت وسم #ديرالزورتستاهل، لتعيد تسليط الضوء على محافظة دير الزور التي أنهكتها سنوات الحرب، وحرمت أطفالها من أبسط حقوقهم، وعلى رأسها التعليم.
الحملة التي أطلقها ناشطون وصحفيون من أبناء دير الزور، جاءت كرد فعل على التهميش المستمر، وتهدف إلى لفت أنظار المجتمع المحلي والدولي لحجم الدمار الذي طال المدارس، وضرورة التحرك العاجل لإعادة بنائها، مؤكدين أن ركام كل مدرسة في دير الزور لا يُمثل حجارة فقط، بل يُخفي خلفه قصة حلم انكسر، ومعلم فقد رسالته، وطفل حُرم من مستقبله.

صور المدارس المدمرة، والمقاعد المتفحمة، والجدران المثقوبة بالقذائف، انتشرت كالنار في الهشيم على منصات التواصل، مستخدمو فيسبوك وتويتر تفاعلوا بكثافة، معبرين عن تضامنهم، ومطالبين بإعادة إعمار المحافظة المنسية، التي لطالما كانت عنوانًا للعلم والكرامة.
اللافت أن الحملة لم تقتصر على الطرح المأساوي، بل مزجت بين وجع الذاكرة وإصرار النهوض، فقد حملت منشوراتها رسائل مؤثرة وأملًا واضحًا، مثل: “ساعدونا نرجّع المدرسة لأطفالها… لأن دير الزور تستاهل”، و “مهما حاولوا يقتلونا، نحنا كالنخيل، ما منموت إلا واقفين”.
ورغم الزخم الذي حظيت به الحملة محليًا، إلا أن رسالتها تتجاوز الحدود الجغرافية، فهي دعوة صريحة للضمير العالمي: لا تتركوا دير الزور وحدها، لا تتركوا جيلاً بلا مدارس، ولا محافظة بلا مستقبل.



في نهاية المطاف، تبقى #ديرالزورتستاهل أكثر من مجرد وسم، إنها صرخة محافظة تنشد الحياة، وصوت أطفال ينتظرون مقاعد تعيد إليهم أحلامهم، وفق ما ذكر القائمون على الحملة.
وبحسب الفريق المنظم، فإن الحملة لا تقتصر على التعبير الرقمي، بل تهدف لأن تكون خطوة أولى نحو تحرك مجتمعي فعلي، يبدأ من الوعي وينتهي بالمبادرات الميدانية.
تم تنظيم الحملة عبر جهود تنسيقية لعدد من الإعلاميين والنشطاء من أبناء المحافظة في الداخل والخارج، دون أي تبعية سياسية أو تمويل خارجي، مع التأكيد على أن كل ما أُنجز حتى اللحظة هو بجهود تطوعية خالصة.
وقد لاقت الحملة تفاعلًا لافتًا، حيث شارك فيها الآلاف من أبناء دير الزور والمهتمين بالشأن السوري، فيما عكست ردود الأفعال المحلية حجم الحاجة الشعبية لأي مبادرة تستعيد للمحافظة مكانتها وتاريخها.
ورغم وجود محاولات بسيطة لعرقلة الحملة أو التشكيك بها، إلا أن زخمها لم يتأثر، بل تحوّل إلى فرصة لتعزيز الشفافية وتوحيد الجهود.
القائمون على المبادرة أعلنوا أنهم بصدد دراسة خطوات مستقبلية تشمل التوثيق الميداني، دعم الجمعيات المحلية، وتقديم ملفات مناصرة لجهات دولية، مشددين على أن “دير الزور لا تطالب بالشفقة، بل بالعدالة والاهتمام الذي لطالما حُرمت منه.”
واختُتمت رسالتهم بجملة حملت جوهر ما يسعون إليه: “نحن لا نطلب المستحيل، فقط نريد أن نُعامل كبشر، وأن يُنظر إلى أطفال دير الزور كما يُنظر لأي طفل في العالم… لأن دير الزور فعلاً تستاهل.”
شاهد أيضاً : بين التهميش والتزيين: من يكتب مستقبل سوريا